منتدى البابا كيرلس ومارمينا يرحب بكم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى البابا كيرلس ومارمينا يرحب بكم

كن مطمئنا جدا جدا ولا تفكر فى الامر كثيرا بل دع الامر لمن بيده الامر
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 + الفداء +

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
امير3000




عدد الرسائل : 623
تاريخ التسجيل : 28/09/2007

+ الفداء + Empty
مُساهمةموضوع: + الفداء +   + الفداء + Icon_minitimeالإثنين أكتوبر 08, 2007 4:37 pm

الفداء هو الغاية التي من أجلها صار كلمة الله إنسانًا وصُلب وقام من بين الأموات. فالمسيح كلمة الله قد قدّم نفسه ليخلّص البشر من الموت، ولأجل ذلك قَبِلَ بأن تجري له تلك الأحداث كلّها التي توردها الأناجيل. والفداء، لغةً، من فعل "فدى"، أي خلّص بالمال (الفدية) أو بالنفس. فيكون معنى سرّ الفداء المسيحيّ أنّ المسيح قد اشترى، بدمه على الصليب، خلاصَ البشر. سنعرض، هنا في هذه المقالة القصيرة، لمفهوم "الفداء" في بعض النصوص العربيّة المسيحيّة القديمة.

تتأثّر روايات الفداء الواردة في التراث العربيّ المسيحيّ بالبعد الإسلاميّ. فالآباء العرب كتبوا لاهوتهم في سياق الردّ على بعض المفاهيم الإسلاميّة الخاطئة عن العقائد المسيحيّة، وفي سياق شرح هذه العقائد المسيحيّة وتوضيحها لمحيطهم الإسلاميّ. لذلك، بحث هؤلاء الكتّاب عن عبارات ومفردات وصياغات مشتركة بين المسيحيّين والمسلمين، وطوّروها في تأليف خطاب لاهوتيّ يشرح سرّ الفداء والخلاص الذي أنجزه السيّد المسيح. ولم يتوانوا عن استعمال ألفاظ وآيات قرآنيّة لكي يحاكوا المسلمين من خلال نصوصهم وتراثهم. ويمكن إجمال الروايات عن الفداء عند الكتّاب العرب المسيحيّين بثلاث روايات رئيسيّة، هي: 1) رواية انتصار المسيح على الشيطان بالمكر. 2) رواية البرهان الإلهيّ عن حقيقة قيامة الأموات. 3) رواية الفداء من لعنة النّاموس.

يوفّر لنا أقدمُ نصّ مسيحيّ عربيّ دفاعيّ معروف، وهو رسالة من القرن الثامن الميلاديّ لمؤلّف مجهول عنوانها "في تثليث الله الواحد"، روايةً تربط بين الفداء وانتصار المسيح على الشيطان. ففي رأس الفصل عن التجسّد والفداء، يقول المؤلّف المجهول أنّه سيبيّن "كيف أرسل الله كلمته ونوره رحمةً للناس وهدًى، ومنَّ عليهم به؛ ولِمَ نزل من السماء خلاصًا لآدم وذرّيّته من إبليس وظلمته وضلالته". المشكلة، إذًا، بحسب هذا النصّ هي عبوديّة الإنسان لإبليس. ثمّ يروي الكاتب قصّة الإنسان من الخلق والسقوط مرورًا بقصص الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله لهداية الناس ففشلوا في مهمّاتهم الموكلة إليهم من الله، ليخلص إلى إثبات نتيجة صاعقة: إنّ البشر لم يستجيبوا لأنبياء الله ورسله، لأنّ كلّ البشر كانوا تحت يد إبليس. فيقول في هذا الصدد: "فغلب الشيطان على بني إسرائيل وعلى الناس كلّهم... فأفتنهم، وأضلّهم بكلّ عمل خبيث، وألّب الناس على أنبياء الله ورسله، وأعمى قلوبهم ألاّ يفهموا كلام أنبياء الله... لم يستطع أحد من الناس - نبيّ ولا غيره _ أن يخلّص ذرّيّة آدم من المعصية والخطيّة والموت". لذلك، كان لا بدّ من مبادرة جديدة لخلاص الإنسان، فكان أن أرسل الله كلمته إنسانًا وُلد من "مريم الطيّبة التي اصطفاها على نساء العالمين، وأهلك به إبليس، وأكْبَتَهُ (أي كبحه وحبسه) وكبّه وتركه ضعيفًا ذليلاً". أمّا نتيجة انتصار المسيح على إبليس، فهي التحرّر من طغيانه، و"أن يعبدوا الله وكلمته وروحه، إله واحد وربّ واحد".

تفيدنا الرواية الثانية في شأن الفداء عن أهمّيّة "البرهان الإلهيّ على حقيقة القيامة"، ذلك أنّ مشكلة الإنسان الأساسيّة هي الجهل بالقيامة العامّة والحياة بعد الموت وعدم التصديق بها. فعمّار البصريّ (القرن التاسع الميلاديّ) في كتابه "البرهان" يقول إنّ المسيح بموته وقيامته قد قدّم البرهان على قيامة الأموات، "إذ كانت الناس قبل مجيء المسيح أكثرهم على ضلالة وكفر لا يعلمون أنّهم بعد الموت المفرِّق بين أبدانهم وأرواحهم يقومون من القبور ويصيرون إلى الحياة". ولكن مع قيامة المسيح، علم الناس وأيقنوا أنّ جميعهم "يقوم من القبور ويخرج عن سلطان الموت مثله، ويصير مَن تشبّه به في البرّ والطهارة إلى السماء، كما صار (المسيح)". أمّا ثمار الفداء، بحسب عمّار فهي: اليقين بالحياة الأبديّة بدلاً من الجهل والشكّ، والسرور بدلاً من الكرب والهمّ، والرجاء بدلاً من اليأس، والسلوك المناسب لطلب الملكوت بدلاً من الانغماس في الخطيّة.

نجد الرواية الثالثة عند أسقف حرّان الأرثوذكسيّ ثاوذورس أبو قرّة (+825) ومحورها "الفداء من لعنة النّاموس"، وذلك أنّ مشكلة الإنسان الأساسيّة "الخطيّة والعقوبة المترتّبة عليها". والسؤال المطروح هو: أين يجد الإنسان الخاطئ النجاةَ من هذه العقوبة؟ فحتّى لو صار الإنسان مطيعًا اللهَ في كلّ شيء بقيت الخطايا السالفة التي تستحقّ العقوبة، فيقول: "فإنّه لا سبيل لك أن تمحق - ولو مقدار ذرّة - من خطيئتك السالفة منك. إذًا، لا محالة أنّ العقوبة التي لحقتك بما قدّمت يداك راتبةٌ عليك لا تقدر أن تزيلها بشيء". والرجاء الوحيد بزوال الخطايا السالفة، بحسب أبي قرّة، يكمن في الفداء بيسوع المسيح الذي "تأنّس من روح القدس ومن مريم المطهَّرة، فخرج إلى العالم، متعرّضًا أن تحلّ به العقوبة التي كان كلّ واحد منّا استوجبها بخطيئة نفسه، من الضرب والفضيحة والصلب والقتل... فتجشّم هذه الآلام بالحقيقة في جسده وأنجز خلاصنا". فيكون المسيح قد اتّخذ كلّ خطايانا على عاتقه، ونفّذ العقوبات المتوجّبة علينا، أمّا نحن فنلنا العفو بفضله. وبهذا نكون قد برِّرنا بدمه، لا بالنظر إلى برّنا أو صلاحنا أو أعمالنا.

يُجمع آباء الكنيسة على هذه الصورة من تاريخ البشريّة: لقد ساد الموتُ البشرَ، وعمّهم الفساد، وكان البشر كلّهم سائرين نحو الهلاك. فتجلّت رحمة الله بأن أرسل كلمتَه الذي أعاد، بموته على الصليب وقيامته، فتحَ الطريق التي تؤدّي إلى الحياة الابديّة. وإذ نحن على عتبة الأسبوع العظيم، الرجاء ألاّ يبقى أحدٌ من البشر خارج هذا الفداء المجّانيّ الذي تمّ بالربّ يسوع.
__________________
+ الفداء + E55b1ee42btc5
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
+ الفداء +
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى البابا كيرلس ومارمينا يرحب بكم :: سر الرجاء الذى فينا-
انتقل الى: