دق جرس الباب ،
واذا به كاهن كنيستنا ولقد كانت مفاجأة بالنسبة لي ،
كيف حالك يا دكتور ؟ وكيف حال المدام و ابنك الدكتور الصغير ؟ قالها لي ابونا .
الحمد لله يا ابونا ،
انا في خير حال وابني يدرس الآن في طب 6 أكتوبر لانه لم يستطع أن يأتي بمجموع طب الاسكندرية حيث كنت اتمنى ان يمكث دائما بجانبي حتى لا يقتلني القلق عليه.
لا يهم يا دكتور فالله معه هنا او هناك ،
وابتدأ ابونا يتكلم ويعظ ثم طلب مني إنجيلا ،
اما انا فقد كنت في غاية الحرج من منظر الانجيل والتراب والغبار يعلوه .
- يبدو إنك لم تقرأ الانجيل منذ فترة يا دكتور .
- نعم فقد قرأته كثيرا وانا في صباي ولا اعتقد ان به شيئا جديدآ لم اقرأه .
حاول ابونا ان يقنعني بفائدة الانجيل وإنه رسالة الله المكتوبة لنا يوميآ ,
ولكني لم انتبه لكلامه كثيرا وسايرته في الحديث حتى انصرف.
وبعد 30 يوما ،
دق جرس الباب وإذ به ابونا جاء ليفتقدني ثانية ،
- اهلآ ومرحبا بك يا أبونا .
- أهلآ يا دكتور ، كيف حالك وحال المدام والدكتور الصغير ؟
- الحمد لله.
قال ابونا: لقد زرت الدكتور الصغير في المدينة الجامعية بـ6 أكتوبر لأطمئن عليه بنفسي و وجدت عنده مجموعة من الرسائل بل مئات الرسائل .
- هذا صحيح فأنا ابعث له بجواب كل اسبوع حتى أطمئن عليه .
- نعم نعم لقد قال لي كما تــقول ،
لقد قـــال الدكـتور الصـغير إنك تبـعث لـه بجواب في بداية كل شهر وهو الجواب المهم بالنسبة له لأنه يحتوي على مصروف الشهر ،
اما بقية الرسائل فإنه لا يفتحها .
- ماذا ...؟؟؟ لا يفتحها ..؟؟ قلتها غاضبا و مذهولا.....لماذا ؟!
- لقد سألته نفس السؤال ،
فقال لي: انها رسائل مكررة يحثني فيها ابي على حضور المحاضرات وعدم التزويغ منها
وعلى المذاكرة بكل جد واجتهاد و يرجو مني أن اصبح افضل طبيب في مصر
والا أتحدث مع البنات في الكلية حتى لا انشغل بقصة حب عن مستقبلي
والا أصادق أحدآ يشرب السجائر ،
كل مرة نفس الكلام ، فلماذا اقرأ هذه الرسائل ، فهي مكررة ومملة ،
- قلت له: ولكنها من أبيك ،
- قال لي: لا اريدها ،
فأخذتها منه و ها هي كل الرسائل التي كتبتها انت له .
صدمت واحسست بحزن شديد ،
كيف ان ابني الوحيد لا يحب أن يقرأ رسائلي !!!
و لكني استوعبت الدرس من أبونا ،
لقد أراد ابونا ان يعلمني الدرس ،
فكما إني لم اقرأ انا رسالة الله لي واعتبرتها بعض النصائح التي اعرفها والتي كنت قرأتها في صباي والآن لم اعد محتاج لها ،
فها هو ابني أيضا يرفض رسائلي التي ارسلها إليه .
الانجيل هو كلمة الله لي كل يوم ،
مهما تقدم بي العمر و مهما قرأت ، فسأجد كل يوم في الانجيل شيئآ جديدآ ،
فهو ليس مثل أي كتاب كتبه انسان قرأته مرة وأعجبني وانتهيت منه ،
وليس كتاب دراسي احفظه حتى الامتحان ثم انساه ,
بل هو حياة مستمرة لي ، كل يوم انهل منه الكثير والكثير .
لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين (عب 4 : 12)